يا "ترمب": عقل يخارجك خير من جنان يحنبك..


بقلم - أبو عمار العودي

إذا علمت بخطأ مقولة أن "جنان يخارجك خير من عقل يحنبك" وأن العكس هو الصحيح تماماً يؤكد ذلك أن نيرون حينما أحرق روما وهولاكو وجنكيز خان حينما أحرقا دمشق وبغداد، وكذلك هتلر حينما فجر الحرب العالمية الثانية وتسبب في دمار أوربا وازهاق روح أكثر من ستين مليون إنسان، قد كان كل منهم في وضع ذهني غير سوي عن يقين، حيث قام الأول بحرق روما لمجرد المتعة، وأحرق الثاني بغداد ودمشق تحت وطأة جنون العظمة، وفعل الثالث ما فعل تحت وهم جنون قدرته على حكم العالم.

 

فماذا لو قرانا شخصية "ترمب" في هذا السياق الذي أجزم شخصياً بأنه قد أصيب في عقله بمثل ما أصيب به أولئك، ولم يكن ليتورع عن فعل ما فعلوه لكنه فشل قبل أن  يفعل وليس بعد الفعل كسابقيه، والسؤال الأهم هو لماذا نجح أولئك وفشل هذا؟ وما الدرس المستفاد من كل ذلك؟؟

 

والجواب بكل بساطة أن أولئك لم يجد أي منهم من يقول له من "لا" ممن حوله ويوقفه عند حده، لا حماية للناس منه فحسب بل وحماية له من شر نفسه، بل وجد فيهم من زين له فعله وشاركه في جرمه إما خوفاً او طمعاً، فذاقوا وبال أمرهم جميعاً كحتمية تاريخية لهم ولكل أمثالهم في الماضي والحاضر والمستقبل، أما صاحبنا هذا "ترمب أمريكا" والعالم فقد فشل لأنه قد وجد من حوله وحتى البعيدين عنه في المجتمع الديمقراطي الأمريكي من لم يقول له "لا" بمليء الفم وبقوة القانون والدستور وعظمة المجتمع المدني الديمقراطي الحق والجدير بحكم العالم فحسب بل ويضعه تحت طائلة القانون للحساب والعقاب على ما نوى وفعل وما كان يريد الوصول إليه من جرم لا في حق الناس في المجتمع الأمريكي فحسب وحق نفسه بل وحق قرية عالم اليوم الكبيرة الصغيرة.

 

تصوروا معي لو أن "ترمب" لم يجد من حوله دولة مؤسسية وديمقراطية بهذه العظمة، ووجد بدلاً من ذلك من يجاريه على فعله وينافقه خوفاً أو طمعاً ويخلع له عداد حساب نتيجة الانتخابات والدورات الانتخابية التي ينص عليها الدستور الأمريكي على طريقة صاحبناً وأصحابه عام 2012م في اليمن، وأمثالهم في سوريا الأسد أو لا أحد، وبغداد صدام وليبيا القذافي، وبشير الشئوم، وحتى مجانين المهدي المنتظر والأعور الدجال؟

 

فإذا كانت النتيجة بالنسبة لمثل هؤلاء "الصغار" هي تدمير أمة وشعوبها وتدمير أنفسهم كما جرى ويجري فإن النتيجة بالنسبة "لترمب" لن تكون مجرد تدمير أعظم دولة صناعية وديمقراطية في العالم فحسب بل وتدمير العالم كله، لو لم يجد من يحمي العالم من شره ويحميه من شر نفسه على نفسه، ويقول له بالمختصر المفيد "ياترمب: عقل يخارجك خير من جنان يحنبك".

 

فأين منا من العقلاء من يقف في وجه مجانينا نفس الموقف، ويقول لهم نفس الحكمة "عقل يخارجكم خير من جنان يدمركم" بدلاً من فعلكم العكس؟.

 

(اجيبوا ياعقلاء ... واعقلوا يامجانين).